التنمر

 

:: مقدمة بحث عن التنمر ::

بحث عن التنمر

تم تعريف التنمر بأنه السلوك العدواني المتكرر الذي يهدف إلى الإضرار بفرد آخر بطريقة عمدية، سواء كان هذا الإضرار نفسيًا أو جسديًا، والتصرفات التي يندرج تحتها مفهوم التنمر كثيرة ومتنوعة.

فمنها الإساءة بالنظر ومنها التنابز بالألقاب ومنها استخدام الألفاظ الجارحة أو كتابة جُمَل تسيء إلى مشاعر فرد، وقد تكون أيضًا استبعادًا من ممارسة نشاط معين أو حضور مناسبة اجتماعية أو إكراه الشخص على فعل شيء يرفضه.

والتنمر قد يصل أيضًا للإساءة الجسدية، والشخص المتنمر في الغالب لا يكون منتبهًا إلى ما يفعله وقد يفعله بالقصد، وهُنا الدافع كما حدده علماء النفس يكون الغيرة أو لأنه قد تعرض لهذا الفعل في يومًا من الأيام.

وقد قام مركز الولايات المتحدة الأمريكية الوطني بتقسيم التنمر إلى قسمين رئيسيين هم:

  • التنمر المباشر
  • التنمر الغير مباشر والذي يسمى أيضًا بالعدوان الاجتماعي.

وقد حدد رئيس المركز الوطني بالولايات المتحدة أن النوع الأول يتضمن النغز والدفع والركل والخنق والطعن والخدش.. وكل ما يؤدي إلى الأذى المباشر باليد أو بإلقاء الأشياء.

أما التنمر الغير مباشر يكون من خلال عزل المتنمَّر عليه أي “الضحية” عن المجتمع من خلال مجموعة كبيرة من الأفعال منها:

  • الرمق بالنظرة الجارحة.
  • إطلاق الإشاعات كذبًا
  • التنابز بلقب مهين.
  • التحديق الجارح.
  • الاستهزاء بمرض مزمن.

وعلى الرغم من أن؛ الولايات المتحدة الأمريكية قد أصدرت في عام 2003 قانونًا يكافح ظاهرة التنمر وقد تم وضعه خصّيصًا حتى يساعد الأطفال في المدارس

ووضع نصوصًا قانونية تحمي حقوقهم من هذه الظاهرة المرفوضة إلا أنها لا تزال موجودة بالفعل ويعاني المجتمع الأمريكي منها رغم القانون الذي وضعه.

:: تاريخ التنمر ::

بحث عن التنمر

عندما تم البحث من علماء التاريخ عن حالات للتنمر عبر العصور كانت المفاجأة أن التنمر موجود منذ بدء الخليقة، ولكن تم توثيق جريمة بسبب التنمر في عام 1825 وذلك وفقًا لتقويم نيوجيت

الذي أوضح أن في هذا العام وبالتحديد في آخر شهر فبراير حدثت جريمة قتل غامضة تم اتهام شخصين بها هُم الكساندر وود والكساندر ويليسلي والذين كانوا حاصلين على منحة من جامعة إيتون.

وبسبب ظاهرة التنمر قاموا بذبح صديقتهم آشلي كوبر، والجدير بالذكر أن تقويم نيوجيت به أمثلة أخرى كثيرة تُشير إلى أن هناك نسبة كبيرة من حالات التنمر التي أدت إلى الانتحار والقتل.

:: أنواع التنمر ::

أنواع التنمر

 

وضعت هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تصنيفًا لأنواع التنمر لتشمل ما يلي:

.: التنمر اللفظي :.

  • إطلاق التعليقات الجارحة على الآخرين.
  • المضايقات بكل أنواعها ضد شخص.
  • نداء شخص بلقب غير محبب إليه ومرتبط بنقيصة موجودة به.
  • توبيخ شخص على ظروف خارجة عن إرادته.
  • الاستهزاء بشكل شخص وملامحه.
  • التهديد من خلال إرسال رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

.: التنمر الاجتماعي :.

  • استبعاد شخص من المناسبات العامة بسبب وجود شيء مختلف به عن الآخرين.
  • النبذ بكل أنواعه للأطفال المصابين بأحد أنواع المتلازمات والامتناع عن اللعب معهم.
  • القيام بإحراج شخص بسبب اختلافه عن الآخرين سواء في الشكل أو في الصحة.
  • رفض الآباء لأبنائهم بسبب إصابتهم بأحد أنواع المتلازمات أو أي من الأمراض الأخرى.

.: التنمر في العمل :.

بحث عن التنمر

أثبتت الدراسات أن من بين كل 6 موظفين هناك موظف يواجه التنمر، والتنمر في العمل يأتي في أشكال عديدة، منها:

  • تمييز قانوني لشخص عن الآخر.
  • استخدام العنف ضد أحد العاملين بدون وجه حق.
  • تأخير ترقية عامل بسبب اختلاف لون البشرة أو الإصابة بمرض.
  • رفض توظيف أحد الأشخاص بسبب شكله أو وزنه أو إصابته بمرض.

.: التنمر الجسدي :.

اعتبرت هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن التنمر الجسدي من الممكن أن يحدث بنظرة عين وبدون إلحاق أذى مباشر بجسد الشخص الآخر، والتنمر الجسدي يشمل ما يلي:

  • إلحاق كدمات أو خدش أو ضرب.
  • جميع الأفعال التي تؤدي إلى البصق على الآخرين.
  • كسر الأشياء من أجل إخافة شخصٍ ما.
  • اللعب بالحيوانات الأليفة واخافتها يُعد أيضًا نوع من أنواع التنمر الجسدي وهذا ما أكدته هيئة حقوق الحيوان بالولايات المتحدة.

.: التنمر الجنسي :.

بحث عن التنمر

وهو الإيذاء الذي يُلحَق بشخص من خلال ملامسة غير لائقة أو استماعه للفظ خارج يخدش الحياء.

.: التنمر الإلكتروني :.

بحث عن التنمر

نظرًا لتقدم التكنولوجيا ووسائل الاتصال فقد ظهر نوع جديد من التنمر وهو التنمر الإلكتروني، والذي يتم من خلال إرسال رسائل نصية وإطلاق مدونات من أجل التشهير بشخص أو عمل لعبة لكي يتعلم منها الأطفال العنف والعداء.

كل هذه الأشياء تُعد تنمرًا، وقد انتشر في الآونة الأخيرة التنمر باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة من خلال نشر صور على مواقع إباحية دون علم أصحابها وهذا نوع من أنواع التنمر الهدف منه إلحاق الأذى بالآخرين بشتى الطرق.

.: التنمر المدرسي :.

بحث عن التنمر

في البداية يجب أن نُشير إلى أن مؤسس أبحاث التنمر حول العالم في المدارس هو  دان ألويس Dan Olweus النرويجي الجنسية، وهو صاحب الفضل في لفت نظر العالم إلى هذه الظاهرة المرفوضة شكلًا وموضوعًا بين التلاميذ، وقد وضع ألويس تعريفًا لـ التنمر في المدارس في كتاب what is bullying بأنه:

أفعال سلبية متعمدة من قِبَل تلميذ أو أكثر، وهي تتم عن طريق إلحاق الأذى بتلميذ آخر بصورة متكررة طوال الوقت، ويمكن أن تكون هذه الأفعال السلبية بالكلمات مثل:

التهديد التوبيخ الإغاظة والشتائم، ويمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل، كما يمكن أن تكون كذلك دون استخدام الكلمات أو الإيذاء الجسدي مثل:

التكشير في معالم الوجه أو الإشارات غير اللائقة بقصد أو تعمُد عزله عن المجموعة أو رفض الاستجابة لرغباته

:: صفات الشخص المتنمر ::

بحث عن التنمر

 

أشار بحث عن التنمر إلى أن الشخص المتنمر البالغ له شخصية استبدادية وبداخله قوة للسيطرة على الآخرين، ولكنه كان بحث يحتاج إلى دقة أكثر لمعرفة الشخص المتنمر

وخاصًة أن هناك متنمرين لا يوجد لديهم هذه الشخصية الاستبدادية، وبمزيد من الدراسات الحديثة ظهر أن الشخص المتنمر له صفات محددة بدقة، وهي كما يلي:

  • يعاني من نقص ذاتي، فالمتنمر في الغالب يكون نرجسي ويستخدم التنمر ضد الآخرين لإخفاء ما يشعر به من نقص.
  • المتنمر شخص مصاب باضطراب الشخصية وسريع الغضب، لذلك يستخدم القوة كأول رد فعل له.
  • مدمن على السلوك العدواني ضد الآخرين.
  • يسيء فهم أي فعل ناتج عن الطرف الآخر.
  • يميل دائمًا لمشاهدة أعمال العنف.
  • يميل للتقليد في الأفعال الخاصة بالتنمر، والتي غالبًا يكون اكتسبها منذ الصغر من عائلته أو في المدرسة.
  • الشخص المتنمر غالبًا يكون قد تعرض إلى تنمر في مرحلة طفولته، لذلك اتخذ هذا السلوك كدفاع عن نفسه ضد الآخرين.

:: التنمر في الإسلام ::

التنمر في الإسلام

تناول الدين الإسلامي الحنيف موضوع التنمر بكل أشكاله من خلال نبذ سخرية الفرد إلى الآخر، وقد جاءت الآيات صريحة وبها نهي واضح عن هذا الفعل، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } «سورة الحجرات: الآية 11»

فقد أوضح ابن كثير في معنى الآية الكريمة أن؛ بها نهي صريح من الله سبحانه وتعالى عن احتقار الناس والاستهزاء بهم لوجود مرض أو فقر أو أي صفة مختلفة أو غير مألوفة.

فربما يكون الشخص الذي تمت السخرية منه له قدر عند الله أعظم من الساخر، بل وربما يكون أحب لله من الشخص الذي قد تنمر عليه، أما في قول { وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ } فقد أوضح ابن كثير أن معناها عدم الإيماءات التي توحي للآخرين بالاستهزاء بهم.

سواء كانت بالنظر أو بالحركة أو بالكلام، وقال أيضًا أن اللماز الهماز ملعون عند الله ومذموم، أما قول الله تعالى { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } أي لا تقوموا بإطلاق أسماء على البعض يستاءوا منها عندما يستمعون إليها.

وهكذا نرى أن الشريعة الإسلامية قد حاربت التنمر منذ آلاف السنوات، وهذا قد جاء في تعريف التنمر في العصر الحديث، ولعل هذه الآية الكريمة لم تكُن هي الوحيدة التي نهت عن السخرية من الاخرين والتنمر عليهم.

فقد قال سبحانه وتعالى في « سورة الهُمزة » { وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) }

فنجد أن في الآيات ما يشير بوضوح إلى الوعيد وشدة العذاب الذي ينتظر من يسخر على الناس سواء بالقول أو الفعل، وهذه الآيات تُشير إلى مَن يتباهى بماله على الفقراء فلا هم له سوى جمع المال والتباهي به أمام الفقراء والاستهزاء بهم وإطلاق أسماء يحزنون عند سماعها.

أما في السُنة النبوية المطهرة فنجد أن هناك عدد كبير من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تُشير إلى النهي عن السخرية والتواضع حتى وإن كان الإنسان يتمتع بنعم الله تعالى عليه من صحة ومال وصفات أخرى قد لا توجد في غيره.

فعلى سبيل المثال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاهُ صحابيٌ فقير فقال له النبي أهلًا بمَن خبّرني جبريل بقدومه، فقال الصحابي: أو مثلي؟ قال: نعم يا أخي، خاملُ في الأرض علمُ في السماء.

وهكذا يعلمنا النبي الكريم أن الإنسان قد يكون فقيرًا في الدنيا ولكنه عند الله غني، وموضوع السخرية من الآخرين إلى ذنب الشرك بالله والتجبر على العباد، فعندما يمارس أحد التنمر ضد الآخر يكون قد سخر من الله عز وجل “حاشا لله”

فالمؤمن الحقيقي هو الذي يسلم المؤمن من شره حتى ولو كان بالنظرة أو التعليق، فالسخرية نوعًا من الكبرياء، وقد جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه أبو داوود وابن ماجة وأحمد عن أبي هريرة يقول رب العزة تبارك وتعالى « العِزُّ إِزاري، والكِبْرياءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقَدْ عذَّبتُه »

وتمتد سماحة الإسلام إلى النهي حتى عن السخرية من المذنب، وإنما كان أمر الله لنا والرسول صلى الله عليه وسلم إن رأينا مذنبًا ندعو له بالهداية ونشكر الله على النعمة التي أنعم بها علينا فالذنب شؤم على غير صاحبه

فإن تكلم في الذنب فقد اغتاب صاحبه، وهنا يكون قد أذنب، أما إن وافق على الذنب فيكون مشاركًا بالإثم، وإن سخر من الذنب ابتلاه الله به، والخلاصة؛ أن الدين الإسلامي نهى تمامًا عن السخرية التي اتخذت اسمًا آخرًا وهو التنمر.

:: طرق القضاء على ظاهرة التنمر ::

طرق القضاء على ظاهرة التنمر

إن القضاء على ظاهرة التنمر يقتضي التنشئة الاجتماعية السليمة للطفل منذ الصغر، هذا بالإضافة إلى دور الإعلام للتصدي لهذه الظاهرة المرفوضة.

وجنبًا إلى جنب دور المدرسة والجامعة وكافة المؤسسات داخل الدولة لنشر التوعية بين الناس ولفت أنظارهم إلى مدى فداحة هذا الفعل، ويُمكن إيجاز ما يجب فعله في النقاط التالية:

  • تربية الأبناء على الوازع الديني وتعليمهم السلوك الإسلامي الصحيح.
  • المتابعة المستمرة لسلوك المراهقين داخل المدارس.
  • عمل الندوات التثقيفية داخل الجامعات.
  • المراقبة المستمرة من الأهل على الأبناء خلال تصفحهم لشبكة الإنترنت.
  • ضرورة ملاحظة الطلبة بجميع المراحل التعليمية من خلال متخصصين في علم النفس والاجتماع.
  • نصح الشخص المتنمر بالذهاب إلى طبيب نفسي للتخلص من هذه المشكلة.
  • على الحكومات القيام بوضع القوانين الصارمة لكل من يمارس التنمر بكل أشكاله ضد الآخرين.
  • السماح لمنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المختلفة لنشر برامج التوعية الخاصة بهم لكل مرحلة عمرية وفقًا لما يناسبها.

:: بحث عن التنمر – خاتمة ::

إنَّ التنمر هو السلوك العنيف والإيذاء والإساءة التي يوجهها شخص إلى شخص، وفي الغالب هذا الشخص يكون أقل قوة منه سواء نفسيًا أو بدنيًا.

وقد استعرضنا في بحث عن التنمر الأنواع المختلفة منه؛ فمنه اللفظي والجسدي والجنسي والإلكتروني..وغيره من الأنواع الأخرى للتنمر.

ونجد أن؛ للتنمر آثارًا سلبية على أي مجتمع فقد يتحول الشخص المتنمَر عليه إلى شخص متنمِر وقد يصاب بأمراض نفسية مزمنة كمرض الاكتئاب وغيره، وقد يحيد عن السلوك القويم ويبتعد ويعتزل عن مجتمعه.

لذلك وجب على كافة المؤسسات الموجودة في الدولة وكذلك الأسرة والمنظمات الحقوقية وضع برامج التوعية الكافية لكل الفئات العمرية حتى تتخلص المجتمعات من هذه الظاهرة المنبوذة وهي التنمر.

ولم ننسى أبدًا أن القرآن الكريم منذ آلاف السنين قد نهى عن السخرية من الآخرين والتباهي عليهم بالنعم بل وقد توعد الله عز وجل مَن يفعل ذلك بالعذاب الأليم.

كما نجد أن السُنة النبوية المطهرة أيضًا عامرة بالأحاديث التي تنهي عن التنمر بكل أنواعه وأشكاله، ولا شك أن كل الأديان السماوية قد أنكرت ظاهرة التنمر شكلًا وموضوعًا بل واعتبرتها جريمة ترتكب ضد الإنسانية برمتها.


مرفق فيديو عن التنمر:-

https://youtu.be/thVHhZ0Q24k

تعليقات

إرسال تعليق